حدّثني أخي يوماً عن أنّ "الحياة أسمى من الفِكْر".. مقولة لشخص ما لا أذكره أو حتى لا أعرفه..
الحقيقة أن التبلّد المزمن لديّ منعني من تفهّم المعنى وقتها، غير أن تكرارها باستمرار، منه ومن غيره ممن أثق في فكرهم وعقولهم النيّرة تماماً، جعلها فكرة متقافزة إلى ذهني بين الحين والآخر..
حقيقة الأمر أنّ كثيراً منا، معشر القُرّاء والمدونين وطُلّاب جيلي، يختبر في تجربته الوجوديّة النّصف الثاني من العبارة (الفِكْر) أكثر مما يختبر (الحياة)..
أليسَ ألماً من نوع مختلف؟ ذلك الذي يمرّ بك عابراً حين تنعزل في برجك العاجيّ مراقباً العالم من النافذة جالساً على كومة من كُتبك تطالع الذي عليه الدور في عمود الكتب؟ الجلوس هنالك ممتع والمنظر جميل حقّاً وإحساسك بالأعلى هو السموّ عن خطاياهم.. لكن حين يصيبك الملل، وينسدّ باب الخروج بأكوام الكتب المتراكمة، ستجد ذلك الألم المارّ بك..
لن تفهم أبداً معنى التركيز ما لم تتذوّق رشفة القهوة بكلّ حرارتها ومذاقها ومزاجها، ولن تفهم أبداً معنى الموسيقى ما لم تنتبه بعمق لضربة كلّ وتر ومحلّها ومعناها، ولن تفهم معنى شعاع الشمس ما لم تسر تحته نصف ساعة في الصّباح على الأقل لتشعر جسمك يمتصّ الأشعة، و –بكل تأكيد- لن تفهم معنى الحبّ، الألم، الفراق، الفرحة، ما لم تضع (الحياة) في سياق تجربتك الوجودية.
حين ترسم المشهد من بعيد كما تراه فأنت فنّان عبقري، لكن حين تهبط إليه وتمرح، فأنت إنسان حيّ..
التفاصيل.. التفاصيل.. الحياة عيش في تفاصيل، والفكر تأمّل فيها دون عيش حقيقيّ.. ماذا تختار؟ أم أنّه يمكن المزج؟ ربما.
محمد الوكيل
A.M.Revolution
المزج..أن تحيه الحياة بتفاصيل وتتأمل وتفكر.الأثنين طريقان مؤديان لبعض لا تصلح الحياة بدون تفكير وتأمل, والعكس صحيح والعباقرة نجحوا لأنهم مزجوا بين الأثنين بين الواقع والفكر بين الحياة والتأمل!!
ردحذفرائع
أشكرك جداً :)
حذفلم ينسد باب خروجي بالكتب و لو انه انسد لشعرت بالألم والشفقة نحو هذا العالم ، هو لا يعرف ما الذي يفتقده بعيد عن مدخل الباب .
ردحذفتحية عطره
جميلة جداً هذه الثقة :) أشكرك، وتحية بمثل :)
حذفاشعر بأن الفكر " والمتمثل في الكتب " قد سرقني من الحياة بشكل أو بأخر !
ردحذفجميعنا.. :/
حذف